سلمان العودة ( بعيداً عن كل الألقاب التي تصغر أمامه ) من أشهر العلماء والمفكرين التنويريين الذين ألهمهم الله حكمة جعلتهم يجمعون بين الدين والعلم بهذا القدر من السعة التي تغيب معه النظرة الضيقة والاتجاهات المعاكسة إلا تلك التي يغضبها وجود [ شيخ ] مثقف , وكأن الدين يقف حاجزاً يحول بين المرء والثقافة ..!
استطاع سلمان العودة من خلال ظهوره الإعلامي سواء في برنامجيه حجر الزاوية والحياة كلمة ,أو في محاضراته أن يكون قاعدة جماهيرية لم يسعَ لها وهو الغني بدينه وعلمه عنها ولكنه حقق من خلالها شيئاً أحسبه كبيراً طمح إليه العودة وهو بناء جيل لا يمنعه تدينه من العلم والإطلاع والثقافة الحرة الشاملة ..!
سلمان العودة الذي لايُحسَب على تيار من التيارات الشائعة , والذي يتفق على احترامه الأغلبية , يطالب في رمضان هذا بالتغيير وهو دون أن يشير إلى نفسه أو تجربته من
أكثر النماذج الحية على ذلك .. فبعد أن كان من أصحاب الرؤى المتشددة والتي يعتبرها الكثير من مناهضي التغيير تهمةٌ يلاحق بها فضيلته , أصبح الآن من أكثر العلماء إشراقاً وتبسطاً ونورا .. تجلى ذلك في دعوته الأخيرة بفتح باب الذرائع خلافاً للمطالبين بسدها , وقد صدف أن استمع في وقت قريب سابق للكاتب الفقهي محمد الدحيم في لقاء له عبر برنامج إضاءات لتركي الدخيل نفس تلك الدعوة والتي يرى والعودة فيها تضييقاً وجموداً وقف سبباً لتأخر الأمة .. والأمثلة على ذلك كثيرة ولعلّ أبرزها الإعلام الذي استدلّ به العودة في حلقته من برنامج [ حجر الزاوية ] والتي تحدثت عن الخطاب الديني , وأعاد الحديث عنها مقتضباً في الحلقة اللاحقة كردٍ على مخالفٍ لرأيه في هذا الموضوع ..!
لستُ في موقع يخولني للفتيا خصوصاً بعد الأمر الملكي الأخير (: , ولستُ على علمٍ يسمح لي بالحديث من زاوية فقهية في الأمر , ولكن من نظرة واقعية نعايشها يوماً بعد آخر فإن سد الذرائع قاعدة استعان بها الكثير من الفقهاء والمفتين قننت بانتشارها الحريات ومنعت المباحات وأصبحت هي ذاتها ذريعة أراها مفتوحة تحتاج إلى سد , فهي حجة لمن لا يملك الدليل القطعي على التحريم .. علماً أن القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءا بلغةٍ حددت المحرمات والمنهيات بلفظٍ صريح دقيق ليكون حكمها ثابتاً على مرّ الزمان أما المتغيرات فهي داخلةٌ ضمن المباحات مادامَ لم يرد في النصوص الثابتة مايحرمها ..!
وبالعودة إلى حجر الزاوية والتغيير الذي اتخذه محوراً له هذا العام فإن القائلون بسد الذرائع حتى من العامة اللذين غدوا يرددون كل مايسمعونه وإن لم يحيطوا به علماً وفهما فربما هم من أولئك المقاومون للتغيير أو الخائفون من تبعاته والمتوقعون بنظرة مستبقة ترجح احتمالات السوء على الخير شراً محدقاً .. علماً أن الدين سعة ويسر وبشارة , وحسن الظن لايكلف شيئاً رغم ندرته بينما سوء الظن يورثُ الضيق والإثم والمزيد من السيئات ومع ذلك فهو الأكثر رواجاً ..!
*
سلمان العودة يزرعُ فينا بذور التغيير .. يجدرُ بنا أن نريه حصاده ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق