السبت، 23 أكتوبر 2010

[ شكراً أيها الأعداء ]


إن كنت قد قرأت كتاب " شكراً أيها الأعداء " قبل مشاهدة حجر الزاوية لهذا العام , أعتقد أنك ستصل إلى شبيه بما توصلت له , وهو أن الاثنين يدوران في نفس الفلك ويناقشان ذات المهمة " التغيير " ..!
في أكثر من 40 مقالة موزعة على أكثر من 350 صفحة , استطاع الشيخ الدكتور سلمان العودة أن يؤسس قاعدة متينة للسلوك الإنساني والمعاملات الاجتماعية بين الأفراد على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات والتخصصات .. فقد ناقش قضايا الإنسان البسيط والمثقف والواعي والجاهل على حدٍ سواء .. وكلٌ بحسب مايتوافق وفكره , بلغة يسيرة .. افتتح كل مقالة بكلمة أو يجدر بي أن أقول حكمة , تتلخص فيها فكرة المقال الذي يليها ..!
تحدث كثيراً عن التغيير والنقد والتراجع عن الآراء وكأنه يرد على مخالفيه الذين يرون فيه أنموذجاً للنكوص – وحاشاه – وعاد لهذا الموضوع مراراً في

مقالات الكتاب إجمالاً , تارةً بتصريح وأخرى بتلميح مستشهداً بأحداث وأحاديث في مشروعية التراجع عن القرارات والآراء إذا ثبت الخير في سواها , كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني والله إن شاءالله لاأحلف على يمين ثم أرى خيراً منها , إلا كفرتُ عن يميني وأتيتُ الذي هو خير " وفي هذا دعوة صريحة للتراجع إذا ثبت الخيرة في خلافها .. كما استشهد فضيلته على قبول النقد من الآخر والذي خصص له 3 مقالات بعنوان ( مقدمة في النقد 1/2/3 ) بحديث طويل عن عمر رضي الله عنه قال فيه :"فبينا أنا في أمر أأتمره , إذ قالت لي امرأتي : لو فعلتَ كذا وكذا . فقلتُ : مالكِ أنتِ ولما ها هنا , وماتكلفك في أمر أريده . فقالت : عجباً لك ياابن الخطاب ! ماتريد أن تراجع أنت , وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!"  كان العودة حريصاً على هذه النقطة وأهميتها في قبول الآخر والارتقاء بالمناقشات التي تحدث بين المختلفين ..!
أما المادة التي عنون بها كتابه " شكراً أيها الأعداء " فهي ليست عن النقد والتغيير وقبولهما  ببعيدة .. إذ تحدث عن الثورة في الرد على المخالفين وإضاعة الوقت واستنفاذ الجهد في إقناعهم بصواب الرؤى وقوة الحجة في حين أن ذلك يعطله عن المضي فيما هو ماضٍ فيه , وإن كان سيجني شيئاً من هذا الرد وتلك الانفعالات المصاحبة لها فلن يجني إلا أعداء جدد يرصدون له الشاردة والواردة .. مشيراً إلى النظرة الإيجابية لهؤلاء الأعداء واعتبارهم أصدقاء بينهم وبين الآخر نقاط اتفاق واشتراك أكثر من تلك التي اختلفوا فيها , وأن وجودهم ربما كان مجهراً مكبراً لعيوبك يجعلك تفطن لها وتعمل على إصلاحها لذلك وجب بحسب العودة أن نقول : " شكراً أيها الأعداء " ..!
,
كتاب ممتع يحتضن المتعة من الغلاف إلى الغلاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق